تعريف الصوم : أن التغذيه يمكن أن تقسم الى قسمين : قسم إيجابي , وقسم سلبي . فالقسم الايجابي يترافق مع فترات التغذيه العاديه , أما القسم السلبي فيتناسب مع الامتناع عن تناول الأطعمه , ويدعى هذا القسم بالصوم .
لقد عرّفت القواميس الصوم بأنه الامتناع عن تناول الأغذيه جزئياً أو كلياً . أما في الأصطلاح الديني ( المسيحي ) فأن كلمة الصوم تعني الامتناع عن بعض الأغذيه المحرمه أو الممنوعة شرعاً . أما علماء التغذيه فيعرفون الصوم بأنه الامتناع الكلي أو الجزئي عن تناول المأكولات والمشروبات معاً , أو عن تناول المأكولات فقط , لفتره من الزمن طالت أم قصرت . غير أنه يجب علينا أن نفرق بين كلمة (( الصوم )) وكلمة (( الحميه )) . لقد عرفت القواميس كلمة ((الحميه)) بأنها طريقه مدروسه ومضبوطه في اتباع نمط معين من الأغذيه أو الأشربه . فعندما نقول إن شخصاً ما قد اتبع حميه ما , فأننا نعني أنه قد امتنع عن بعض الأغذيه الضاره به , أو أنه طبق برنامجاً علاجياً غذائياً معيناً . ونحن في هذا المقال , نعرف الصوم بأنه الامتناع الارادي والكامل عن تناول الأطعمه فقط . دون ان يتعرض ذلك الى الأشربه .
إن كلمة الجوع تعني في اللغه الفراغ , وتطلق – في الأصطلاح – على جميع الأشكال من الحرمان أو الانقطاع عن تناول الأغذيه . ولقد قسم البروفيسور (مور غوليس ) الجوع الى ثلاثة أنواع :
1- الجوع الفيزيولوجي : الذي هو حدث طبيعي ونظامي في الطبيعه , تلجأ اليه بعض الحيوانات في فصل الشتاء أو في بعض المراحل من حياتها .
2- الجوع المرضي : الذي قد يكون خطراً أحياناً , كما هو الحال في أنسداد القناة الهضميه (كتضيق المريء) أو في حالات التقيئ المعند , أو في بعض حالات الحميات الشديده التي يحصل فيها هزال شديد .
3- الجوع المقصود أو التجريبي : وهو الذي يلجأ اليه في بعض التجارب الشخصيه والحيوانيه أثناء بعض الفحوص العلميه الدقيقه والخاصه .
وبالأضافه الى هذه الأنواع الثلاثه للجوع , يجب أن نضيف نوعاً رابعاً , تجاهله هذا البروفيسور, وهو ليس جوعاً تجريبياً , بل يقصد منه ترميم وتجديد الصحه , والأفضل أن نسميه: الصوم الصحي , أو كما سماه بعضهم الصوم العلاجي .
يجب أن نميز بين الجوع والصوم . فالأول منهما ينتج عن الحرمان من الأغذيه , سواء أكان ذلك بسبب حادث عارض , أو بسبب مقصود , كالأضراب عن الطعام , إذ ان الأعضاء هنا تطلب الغذاء وتحتاج اليه , أما الصوم فأنه يعني الأمتناع الطوعي عن الأغذيه , حيث يكون جسم المريض غير راغب في الأغذيه حتى تتم له الراحه الكامله .
ومهما يكن من أمر , فأن الصوم لا يعني الهلاك أو الموت جوعاً , بل إنه ضرب من ضروب الراحه , وطور من العطله الفيزيولوجيه . إنه طريقه مثلى لتنظيف الجسم , وهذه الوسيله تحتاج الى معرفة دقيقه حتى تكون واسعة الاستعمال والتطبيق .
-2-
الصوم عند الانسان :
1- الصوم الديني : كثير من الأمم القديمه كانت تمارس الصوم باعتباره عملاً من الأعمال الحسنه , نذكر من هذه الأمم : الفرس والصينيين والروم والهنود والبابليين ..... , الديانه المسيحيه لم تعط أي تعليمات أو قواعد للصوم لكنها ترى في الصوم التام أو الجزئي تكفير عن بعض الذنوب وضرباً من ضروب التوبه . وكذلك الصوم الذي فرضه القرآن الكريم على المسلمين والذي ينص على عدم تناول الطعام والشراب بكل أنواعه بين أذان الفجر وأذان المغرب .
2- الصوم كنوع من النظام وتأديب النفس :
بعض الفلاسفه واليونانيين القدامى كانوا يصومون خلال السنه عدة أيام متواصله , وكانوا يعتبرون الصوم خلال فترات معينه أحسن طريقه لتعليم النفس وتهذيبها كي تتحمل المشاق والعسير في الحياة , أضف الى ذلك أن الصوم في كل عام لفترات معينه كان يضمن لهؤلاء الفلاسفه الصحه الجيده والنشاط الشديد طيلة أيام السنه .
3- الأضراب عن الطعام :
لقد أصبحت هذه العاده دارجه جداً , نذكر هنا الاضراب عن الطعام الذي قام به غاندي بأعتباره وسيلة من وسائل الاحتجاج على السياسه الانكليزيه , كما نذكر أيضاً الاضراب عن الطعام الذي يمارسه بعض السجناء في أنحاء مختلفه من العالم .
4- الصوم في حالة المرض :
لقد أستعمل الصوم منذ أكثر من عشرة آلاف سنه باعتباره وسيله ناجحه في معالجة بعض الأمراض , أو التخفيف من أعراضها على أقل الأمور . فلقد استعمل هيبوقراط الملقب بأبو الطب هذه الطريقه من العلاج خلال الأيام الأولى من سير المرض , وبشكل خاص أثناء الطور الحاد والعضال من المرض . كما أنه كان ينصح باتباع بعض أنواع الحميه التي تتناسب والمرض الذي الم بالمريض .
الصوم خلال فترات وحالات خاصه من الحياة
1- متى يجب أن نصوم :
إنني أعتبر أن اللحظه المناسبه للصوم تأتي كلما أحسسنا أننا بحاجه لهذه الطريقه , وأعتقد أن التسويف في مباشرة الصوم لا جدوى منه أبداً , حيث أن التطورات والتبدلات المرضيه في بناء الجسم والتراجع في وظائف الأعضاء , لا يمكن أن تتوقف أبداً ما دام السبب فيها قائماً . بل إن التأخير في تطبيق الصوم ما هو إلا دعوه لمزيد من الاضطرابات التي تتطلب الصوم أكثر من أي طريقه أخرى من طرق العلاج . إن أعمال ترميم الجسم والصحه يجب ان تبدأ فوراً ولا يجوز – في حال من الاحوال – تأخيرها لأسبوع أو شهر أو فصل .....
هذا وقد جرى نقاش طويل بين العلماء عن الوقت المناسب للبدء بالصوم . فالدكتور (يورينون) ينصح من يقوم بالصوم للمره الأولى باختيار فصل الصيف أو الربيع . وإذا ما وافقنا الدكتور يورينون في اختياره هذا فإننا نصرعلى أن يكون هذا القيد في حالة الصوم الأول فقط . أما في الصوم الثاني أو الثالث فإنه من المفضل اللجوء الى الصوم حين يشعر الإنسان بأنه بحاجه للصوم .
-3-
أما الدكتور (أوزوالد) فانه يعتبر فصل الشتاء ليس وقتاً سيئاً للصوم , وفي رأيه أن هذا الفصل قد يكون أفضل فصل للصوم وذلك قياساً على ماتقوم به أغلب الحيوانات من فعل الأشتاء خلال فصل البرد .
لقد أشار (لويس كوهن) أن الحيوانات تأكل في فصل الشتاء اقل من فصل الصيف . إلا ان الامر يختلف عند الانسان , إذ اننا نحتاج الى كميه من الغذاء اكبر في فصل الشتاء منها في فصل الصيف وذلك كي نحفظ درجة حرارة الجسم , الا ان الصائمين في فصل الشتاء والمحافظ عليهم في درجات حراره دافئه يمكنهم متابعة الصوم دون أي صعوبه .
انني متفق تماماً مع العالم (يورينون) من حيث ان الصوم هو اسهل في فصل الصيف منه في الشتاء , إذ أن الصائم يحصل لديه شعور خاص بالبرد , وهذا يزداد في فصل الشتاء . كما ان هناك شيئاً غريباً قد يحصل خلال الصوم , حيث ان ميزان الحراره يشير عند الصائم , الى ان درجة حرارة جسمه هي اعلى بدرجه او اكثر بقليل مما كانت عليه قبل الصوم وذلك على الرغم من شعوره بالبرد , ومع ذلك كله فيجب المحافظه على الصائم في جو دافئ . وخلاصة الأمر , فان البرد لا يمنع الصوم شريطة ان ينتبه الصائم لنفسه وان يتخذ كل وسائل الدفء اللازمه .
2- الصوم عند النباتيين :
يرى بعضهم ان النباتيين هم آخر أصناف الناس الذين يجب ان يطبق عندهم الصوم , وذلك لأنهم لا يتحملون هذه الطريقه من العلاج . غير أن هذا الرأي على ما أعتقد شئ خاطئ . إذ ان الدكتور (ترال) الذي أشرف على صوم 100 شخص في مصحه الخاص , وكان نصف هذا العدد من النباتيين , أثبت ان هؤلاء الاشخاص هم اشد تحملاً للصوم من آكلي اللحوم . كما أنه من المؤكد ان الذين يأكلون كميات قليله من اللحم , يتحملون الصوم اكثر من اولئك الذين يأكلون كميات كبيره منه . وقد اجمع على ذلك كل المؤلفين والأطباء الذين يطبقون الصوم في علاجهم .
3- الصوم عند الرضع والأطفال :
سؤال يطرح نفسه , وهو هل يمكن تطبيق المعالجه بالصوم على الأطفال والرضع دون خطر ؟
إن الدكتور (كارينتون) أجاب على هذا السؤال بانه ليس فقط يمكن معالجة الرضع بالصوم , بل إن الخطر يكمن في عدم معالجتهم بالصوم إذا ما دعت الحاجه الى ذلك . ولحسن الحظ فإن اكثر الرضع ليسوا بحاجه الى الصوم اكثر من يومين او ثلاثة ايام . عندما تحرم الطبيعه الرضيع من حس الجوع , فإنه يجب علينا ان نسمح له بالصوم الى ان يتطلب تناول الغذاء من جديد . كما انه إذا اصيب الرضيع بألم أو حمى أو التهاب فيجب علينا ان لا نجبره على التغذيه . والأطفال الصغار يستطيعون الصوم لأيام عديده دون ان يؤدي بهم ذلك الى أي ضرر . صحيح انهم يخسرون الوزن ولكنهم يستطيعون استعاضة مافقدوه بسرعه . ومن النادر ان يتطلب الأمر عندهم صوماً طويل المده كما هو الحال عند الكهول .
ان الطفل المريض الذي لم يجبر على التغذيه ينام بارتياح وهدوء طوال الوقت تقريباً . هذا وإن الاختلاطات تنجم دائماً عن الأغذيه والأدويه , وهذه الاختلاطات لا ترى مطلقاً عند الاطفال الذين لايجبرون على التغذيه ولايتناولون أي دواء او عقار . ومن المعروف ان الاطفال والرضع يكونون بحالة فرط تغذيه , وإن فرط التغذيه هذا هو الأمر السيء في حياة الطفل او الرضيع . إذ انه يكون مسؤولاً عن امراض واضطرابات عديده يمكن تجنبها بسهوله . أنه لمن الطبيعي ان يكون اطفالنا بصحه جيده , ولكن وياللأسف إن
-4-
أطفالنا يجبرون على تناول أغذيه فوق طاقتهم , انطلاقاً من المفهوم القائل بأنهم في حاجه لذلك بحجة ان حالة النمو في أجسامهم تتطلب توفير الغذاء اللازم . غير أن هذا المفهوم مفهوم خاطئ كل الخطأ . إذ أن الطفل يكسب 5 كغم في العام , أي أن وزنه يزداد 15 غم في كل يوم . وإن زيادة الوزن الضئيله هذه لا تحتاج الى كميه كبيره من الغذاء . وحين يصاب الطفل بمرض ما , فإن الطبيعه تشير بكل الوسائل الممكنه الى أنه يجب عدم تقديم أي غذاء للطفل . فالألم والحراره وجفاف اللسان ورائحة الفم الكريهه وغياب الشهيه للطعام والغثيان والقئ وعلامات أخرى كل ذلك يشير الى أن التغذيه غير ممكنه , وأنه يجب عدم إجبار الطفل على الغذاء .
إن الرضع والاطفال يستعيدون نشاطهم وقوتهم وصحتهم بشكل أسرع بعد الصوم إذا ما تمت مقارنتهم مع البالغين والكهول , كذلك فهم ليسوا بحاجه الى صوم لوقت طويل .
4- الصوم في الشيخوخه :
كثيراً ما نسمع ان هذا الشخص مسن جداً لا يمكنه أن يصوم , لقد قام أحد الأطباء بأجراء تجربه على عدد من المسنين الذين صاموا وكانت أعمارهم تتراوح بين الـ 75 – 85 سنه ولم يجد أي سبب يحول بينهم وبين الصوم . وفي الواقع , إن الأشخاص المسنين هم الذين يتحملون الصوم أكثر من غيرهم .
إن اثر الصوم الفعال , الذي يعيد الحيويه والشباب يظهر جلياً واضحاً عند المسنين . ومع ذلك فانني متفق مع ( كارينتون ) حين يقول : انه يجب الانتباه بشده الى المسنين حين يقومون بالصوم أكثر من الشباب ؛ والسبب في ذلك ان المسنين يخفون أحياناً حالات من الضعف العام الذي يجعل الاستمرار في الصوم عديم الفائده احياناً .
5- الصوم عند المرأة الحامل :
كثير من النساء يشعرن في الاسابيع الاولى من الحمل بالقيئ والغثيان وقلة الشهيه واعراض أخرى . لقد أثبتت المشاهدات أن المرأة التي تكون بصحه جيده والتي تتبع نظاماً غذائياً جيداً لا تشكو من الاعراض السابقه اثناء الحمل .
هذا وإن تطور هذه الاعراض دلاله أكيده على وجوب اللجوء الى عملية تنظيف شامله ومفيده , بحيث لا تتناول هذه المرأة أي غذاء ما عدا الماء , حتى تختفي هذه الأعراض بكاملها , وحتى يكون هناك طلب حقيقي وفعلي للأغذيه . وليس هناك موجب للخوف من الصوم , إذ أنه لن يسبب أي ضرر للأم او الجنين . إن الصوم بالتأكيد هو ما تطلبه الطبيعه بشكل واضح وتعمل من اجل الوصول الى ذلك , وتعبر عن رفضها للغذاء بالقيئ والغثيان . هذا ويجب أن تأخذ المرأة الحامل قسطها الوافر من الراحه , ذلك لأنها ضروريه في مثل هذا الوضع . وإذا مرّت هذه الفتره عند المرأة الحامل , فليس هناك حاجه للصوم مره أخرى أثناء الحمل . ولكن إذا أسرفت المرأة الحامل بالغذاء كأن تأكل كميه مضاعفه من الغذاء , ولا تعتني بنوعية الغذاء الذي تأكله , فإنها ستشكو من حموضة في المعده , ومن غازات ودوران وصداع وإمساك مع اضطرابات أخرى . وفي هذه الحاله يجب ان تصوم مره اخرى وخلال الحمل , حتى تعود الأمور الى الوضع الطبيعي المناسب . إن النصيحه العمياء التي كانت تعطى للأم الحامل , بأن تضاعف كمية ما تتناوله من غذاء , قد فقدت قيمتها وثابت الشكوك في مدى صحتها . ولنفرض ان طفلاً وزنه 4 كغم عند الولاده , هذا يعني ان هناك زياده نصف كغم كل شهر من أشهر الحمل . ومن اجل تامين نمو ومعيشة هذا الجنين الذي يزيد نصف كغم
-5-
في كل شهر , فأننا نجبر الام على تناول كميات وافره من الغذاء تكفي لزيادة واحد الى واحد ونصف كغم او اكثر , وهذا بدلاً من ان يساعدها فإنه يدفعها للقيئ , ويزيد في كبر ونمو حجم الجنين مما يجعل الولاده مؤلمه وعسيره . إن القيئ وفرط الحموضه في المعده والغثيان والوذمه حول الكعبين , والدوالي والبواسير , كل هذه الاضطرابات قد تكون نتيجة نظام غذائي فاسد . هذا ويجدر الانتباه الى أن الأمراض المزمنه لا يجوز معالجتها بالصوم خلال الحمل , ذلك لأنها تتطلب صوماً طويلاً , الأمر الذي ينبغي الأبتعاد عنه خلال فترة الحمل . اما الحالات التي تتطلب صوماً قصيراً فلا مانع فيها من اللجوء الى الصوم .
6- الصوم أثناء فترة الإرضاع :
اذا اقتضى الوضع الصحي للمرأة المرضع – خلال فترة ارضاعها – ان تلجاء الى الصوم فانه يمكنها القيام به في حالة الضروره الى ذلك . ولكن اذا لم يكن ذلك ضرورياً جداً فانه من الخطاء ان تلجاء الى الصوم خلال فترة الارضاع لان ذلك يؤدي الى جفاف الحليب وغيابه حتى ولو لم يتجاوز الصوم مدة يومين او ثلاثة ايام .
هذا وان افراز الحليب الذي ينقطع اثناء الصوم لا يمكن استعادته بعد انهاء الصوم .
7- الصوم عند الأصحاء :
انه لمن المقبول بشكل عام , ان شخصاً صحيحاً وقوياً يمكن ان يصوم لفتره معينه دون حصول أي نتيجه سلبيه . واذا كنا لا نعارض ان يصوم الشخص الصحيح , فاننا من ناحيه اخرى نصر على ان يعالج الانسان المريض والضعيف بالصوم . ونعارض ان يقدم لهم المزيد من الغذاء بدلاً من الصوم .
ان هؤلاء الاشخاص قد اصبحوا مرضى وضعفاء بالرغم من تناولهم كميات كبيره من الغذاء , فاذا كان الغذاء هو الذي يهب القوه ويحافظ عليها , فلماذا اصاب المرض هؤلاء الأشخاص المتغذين بشكل جيد ؟
كثيراً ما نشاهد شخصاً انهكه الضعف , يستلقي في سريره وهو غير قادر على ان يرفع ذراعه ولا ان يدير رأسه , اذ ان القوه العضليه لديه تكون ضعيفه جداً , ومع ذلك , فاننا نصر ونحاول عبثاً ان نعطيه 3 وجبات يوميه . فهل يستطيع هذا الشخص ان يستعيد نشاطه اذا غذي بهذا الشكل ؟ طبعاً لا . ان الصوم هو الوسيله الوحيده التي تضمن لهذا الشخص استرداد قوته وصحته .
انه لمن المؤكد من خلال مئات التجارب , ان اناساً مقعدين قد استعادوا قوتهم اثناء الصوم بدلاً من فقدانها , كما ان هناك مقعدين قد ازدادوا ضعفاً الى ضعف , باتباع الحميات الغذائيه المحتويه على كميات كبيره من الغذاء . حقاً ان هذا الشيء عجاب ! ان الأشخاص الضعفاء جداً يحصلون على اكبر نسبه من الفائده بفعل الصوم . وان الضعف الذي يحسون به ليس سببه نقص الغذاء , بل سببه السموم المتراكمه في ابدانهم , وان طرح هذه السموم اثناء الصوم يعيد لهم نشاطهم وقوتهم .
8- الصوم عند الشخص النحيف جداً :
هل يستطيع الاشخاص الهزيلون القيام بالصوم ؟ ان الهزال نادراً ما يكون سببه نقص الغذاء , وغالباً ما يكون نتيجه مرض ما , لذلك ليس الامر كما قد يتوهم بعض الناس من استحالة معالجة الهزيل عن طريق الصوم . لقد اشرف أحد الأطباء على صوم عدد كبير
-6-
من الاشخاص المصابين بهزال شديد , منهم مريض مصاب بالربو , لم يبق منه الا الجلد والعظم , عندما وصل الى المستشفى , قام بتصويمه مدة 17 يوماً , تخلص على اثرها من الربو نهائياً ذاك الربو الذي كان يشكو منه منذ 9 سنوات . كما انه صام فترة اخرى , كانت كافيه لاسترداد صحته بشكل كامل , بل انه كان اكثر نشاطاً – خلال صومه – من ذي قبل .
يقول الدكتور ( ايلس ) : اذا كنت هزيل الجسم , او ان وزنك كان اقل من الوزن الطبيعي , فان الصوم يساعدك على استعادة وزنك , واننا نعتقد ان الصوم لا يفيد الاشخاص البدينين فقط , بل ان النحيفين والبدينين سواء , كلهم في وضع غير طبيعي , وهم يستفيدون كثيراً من الصوم .
عالج احد الاطباء بالصوم مريضاً مصاباً بالهزال الشديد , وبعد ان صام 9 ايام واتبع حميه غذائيه خاصه , زاد وزنه 13,5 كغم , كما شفي مما كان يشكو منه من فرط حموضة المعده والتهاب معوي وامساك ودوران دموي سيئ مع همود نفسي عانى منها خلال 7 سنوات خلت قبل تجربة الصوم .
ان الصوم الكامل يفيد كلاً من النحيف والبدين , اذ انه بعد الصوم الكامل يحصل لدى الجسم ميل للوصول الى الوزن المثالي , وهكذا فالاشخاص البدينون يخسرون بالصوم شيئاً من اوزانهم , ولا يعوضون عن هذه الخساره بعد انتهاء الصوم , في حين ان الاشخاص النحيفين يكسبون بعد انتهاء الصوم ما مقداره 400- 450 غم كل يوم خلال شهر أو اكثر .